تردي الأوضاع العربية
كيف تنظر إلى حال العالم العربي حاليًا، في ظل ما يتعرض له من تحديات على مختلف المستويات؟
لا شك أنه في ظل حالة التردي التي تعاني منها الدول العربية، فإن هذه الخلافات انعكست على جميع السياسات العربية، وفي الحقيقة فإن خلافات الدول العربية العربية انعكست بشكل مباشر على حال ودور الجامعة العربية، فكان لها تأثيراتُها وسلبياتُها في الوقت نفسه على هياكل ومؤسسات "بيت العرب"، سواءٌ كانت هذه الخلافات ثنائيةً بين الدول، أو خلافاتها على المستوى الدولي.
ولا شكّ أن للخلافات العربية البينية تأثيرًا كبيرًا على وضعية الجامعة العربية، كما الحال نفسه بالنسبة للخلافات العربية حيال القضايا الدولية، وخاصةً فيما يتعلق بوضع إيران مع الغرب، والدول الكبرى منها، وتحديدًا أمريكا وبريطانيا، وهو ما أدى إلى حدوث شرخ داخل الدول العربية.
دور القوى الإقليمية
وكيف تنظر في هذا السياق إلى الدور الإيراني في القضية الفلسطينية، الذي أصبح يتعاظم في هذه القضية، كما هو الحال في تعاظمه في الشأن العراقي، على حساب الأدوار العربية؟
هذا يُنظر إليه من جهتين، أُولاهما أن الخلاف الفلسطيني الداخلي يمكن أن يكون قد أدى إلى تعزيز مثل هذه التدخلات، خاصة وأن القوى المقاوِمة في الطرف الفلسطيني لم تعد تجد دعمًا أو تأييدًا من الطرف العربي، مثلما يجده من الدعم الإيراني.
وفي الوقت نفسه فإن الصوت الإيراني قدم نفسه كداعم للمقاومة وراعٍ لها، وهذا ما أدى إلى تقوية وتعزيز التدخل الإيراني بقوة في القضية الفلسطينية، ووقوفه على مسافة متقاربة من كافة القوى الفلسطينية.
والحقيقة فإن هذا الدور الإيراني ليس حاضرًا وفقط في القضية الفلسطينية، ولكنه كان حاضرًا وبفاعلية أيضًا في الحالة العراقية، وهو الدور الذي لا ينكره أحد، وبشكل يفوق كثيرًا الدور العربي في العراق، والذي بدا أيضًا منسحبًا من العراق، ما أعطى الفرصة للتدخل الإيراني والقيام بدور إزاء الشأن العراقي.
ضعف الجامعة العربية
وكيف ترى المصير الذي صارت إليه جامعة الدول العربية، في ظل التراجع العربي الذي تناولته في حديثك السابق؟
نعم.. الأمر أصبح خطيرًا، فهذه الجامعة لم يتم تطويرها، بل وتراجع دورها، ولم تستطع أن ترسم رؤًى مشتركة للعمل العربي المشترك، وهذا انعكاس للواقع العربي، بدلًا من أن تكون مصنعًا للأفكار والآراء العربية والبحث عن وسائل لصنع المستقبل العربي.
الواقع يؤكد أن العرب أصبحوا مختلفين حيال القضية الفلسطينية ذاتها، بعد أن كانت عامل توحد لهم، ولذلك فإن الخروج بطرح إيجابي قد يكون صعبًا، على الرغم من أن التحدي هذه المرة أصبح كبيرًا للغاية، في ظل عمليات التهويد التي تشهدها مدينة القدس، والخطر الذي الحقيقي الذي بات يهدد المسجد الأقصى المبارك بالانهيار.
وللأسف فلقد أصبحت القضية الفلسطينية عامل تفكيك بين الدول العربية، بعد أن كانت في الماضي عامل جذب وقضية توحد العرب وجامعا لهم.
وما تفسيرُك لهذا التحول العربي السريع تجاه القضية الفلسطينية؟
التغير ذاته في هذه القضية جعل العرب يختلفون بالفعل حيالَها، حتى أصبح العرب يجعلون من قضية فلسطين نقطة تفرق وليس نقطة تجمع والتقاء، يلتقي عليها العرب في سياستهم الخارجية، كما كانوا من قبلُ.
ولا شكّ أن الانشقاق الداخلي انعكس على الموقف العربي بشكلٍ عام، وكما كان هناك انقسامٌ فلسطيني، فإنه كان في المقابل هناك انقسام عربي تجاه هذه القضية، فهناك من العرب من يؤيد السلطة الفلسطينية بكافة رؤاها، وإصرار على مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في العام 2002، وبين دول أخرى ممانعة كانت لها رُؤًى أخرى، وهو ما انعكس على مجمل العلاقات العربية- العربية.
الإصلاح العربي
من خلال حرصِك على المشاركة السنوية في مؤتمرات الإصلاح العربي, ما تقديرك لمستوى الإصلاح الجاري حاليًا في المنطقة العربية, على مختلف مستوياته؟
حقيقةً, ما يسمى بموجة الإصلاح في العالم العربي, بدأت منذ عقد تقريبًا, بعد ظهور الحديث عن الحراك الاجتماعي, إلى أن تعدَّاه إلى مشاريع أخرى مختلفة.
ومنذ هذا التوقيت استطاعت دول عربية أن تتقدم نحو الإصلاح في مختلف مجالاته, مثل المغرب ودول الخليج, وتحولت هذه الدول إلى دول اقتصاد حر, وتوّجت مراحل الإصلاح في وثيقة الإسكندرية, وما تبعها من خطوات إصلاحية, تبعها أيضًا برامج عمل لتحقيق الإصلاح, ما يعني أن العمل الشعبي العربي يسعى إلى تحقيق إصلاح فعلي.
كما عكس ذلك مقدرة مؤسسات المجتمع المدني المقدرة على تحقيق الإصلاح, بشرط أن يكون هذا الإصلاح في داخلها أولًا, لتدفع به ثانيًا إلى المؤسسات الرسمية.
لكن البعض يرى أن هذا الإصلاح يسير بخُطًى بطيئة, لا يعدو سوى أن يتحرك, كما يقال بسرعة "السلحفاة"؟
المشكلة أن الكثيرين راهنوا على المؤثرات الخارجية, لتحقيق الإصلاح, والواقع فإن ذلك كان رهانًا خاطئًا, وذلك لأن هذه المؤثرات الخارجية ترتبط بمصالحها, ولا تضع في حساباتها مصالح المنطقة العربية.
ولهذا لما تراجع التأثير الخارجي, وجد البعض نفسه أمام فرصة للتراجع أو التلكؤ, إلا أنه في المجمل فهناك رغبة جادة في الإصلاح، بدليل الصحوة الحاصلة في العالم العربي, التي حققت نشاطًا كبيرًا في عدة دول عربية.
وما تعليقك على تقرير الإصلاح العربي, الذي صدر أخيرًا, وأكد تقدم دول الخليج على الدول العربية في تطبيق الإصلاح بمجالاته المختلفة؟
نعم.. دول الخليج نظرت إلى الإصلاح ككتلة واحدة, ولذلك عمدت على تحقيق الإصلاح في مختلف مجالاته, حيث مرَّت دولُ الخليج بإعادة هيكلة لنظامها الاقتصادي, وطوّرت نظامها الاقتصادي بشكلٍ جيد, وأصبحت جزءًا من النظام الاقتصادي العالمي, وخاصةً في مجال الاستثمار الخارجي, بجانب نجاحها في الإصلاح الاجتماعي, بتمكين المرأة وإصلاح التعليم وتطويره, سواء قبل الجامعي, أو ما بعده.
وفي الإصلاح السياسي بدول الخليج, هناك رغبةٌ في السَّيْر بخطوات جادة لتحقيق هذا الإصلاح، ويعكس هذا وجود رغبة سياسية في إحداث الإصلاح السياسي بدول الخليج.
التعليقات
لا يوجد تعليقات