آخر الفيسبوك

إنستغرام

خطبة الجمعة

ادفع بالتي هي أحسن

كان لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها 

معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهماوفي ذات يوم دخل عمّال مزرعةمعاوية إلى مزرعة إبن الزبيرفغضب إبن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق , وقدكان بينهما عداوه من عبدالله إبن الزبير إلى معاوية ( إبن هند آكلة الأكباد ) أما بعدفإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها .. أو فوالذي لاإله إلا هو ليكوننّ لي معك شأن ! فوصلت الرسالة لمعاوية فقرأها

ثم قال لإبنه يزيد مارأيك في إبن الزبير أرسل لي يهددني ؟ 

فقال له إبنه يزيد : إرسل له جيشاًأوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه 

فقال معاوية : بل خيرٌ منذلك زكاة وأقرب رحما فكتب رسالة إلى عبدالله بن الزبير يقول فيها من معاوية بن أبي سفيان إلى عبداللهبن الزبير (ابن أسماء ذات النطاقين(أما بعدفواللهلو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليكولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشقلدفعتها إليكفإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمالي إلى عمالكفإن جنّة الله عرضها السموات والأرض فلما قرأ إبن الزبير الرسالة بكى حتى بلها بالدموعوسافر إلى معاويةفي دمشق وقبّل رأسه وقال لهلا أعدمك الله حلماً أحلك في قريش هذا المحل

فخاطبه بقوله : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله ) آل عمران / 159.

فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يدفعوا السيئة بالحسنة : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). (فصلت:34).

وقوله تبارك وتعالى:  (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ). (القصص:55)

قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء".

وقد ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله: ادفع بحلمك جهل من يجهل عليك.

ولهذا كان من آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته قبل وفاته أن قال موصيا بالأنصار خيرا: "فمن ولي شيئا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فاستطاع أن يضر فيه أحدا أو ينفع فيه أحدا، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم".

فقد جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله إن لي ذوي أرحام، أصل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: " لا؛ إذا تتركون جميعا، ولكن خذ بالفضل وصلهم ، فإنه لن يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك".

فالنخلة صبورة حليمة كريمة تُرمىبالحجر فتسقط أطيب الثمر والمؤمن معرض عن اللغو، وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاماً، ويصفح عن المسيئينولا يظلم ولا يجهل على الجاهلين كما قال الشاعر كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعايرمى بحجر فيلقيبأطيب الثمر

وهكذا كان الصالحون رضي الله عنهم على نهجه صلى الله عليه وسلم يسيرون ، فهذا أحدهم يُسب فيقول لسابه: إن كنتَ كاذبا فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فإني أسأل الله أن يغفر لي.